كوثر بودراجة: رحلة بين التمثيل، الإعلام، ودوامة الإشاعات
أن تصنع لنفسك اسمًا في عالم الإعلام، شيء. وأن تُحافظ عليه في ظل دوامة الشهرة، التنمر، والإشاعات، فذلك شيء آخر تمامًا.
كوثر بودراجة ليست فقط إعلامية أو ممثلة، بل امرأة صنعت من التجربة الشخصية سردية مهنية متقنة، واستطاعت أن تعبُر من الشاشة إلى الذاكرة الجماعية للمغاربة بأسلوب نادر في زمن السرعة الرقمية.
بدايتها كانت مع تقديم البرامج، حيث لم تكتفِ بتلاوة الأسئلة أو ترتيب الحلقات، بل أثبتت من خلال “جاري يا جاري” و”ميدي1″ أنها صاحبة شخصية حوارية مستقلة، تجمع بين الرصانة والجرأة. لاحقًا، انتقلت إلى التمثيل، وهناك اختارت أدوارًا تحمل أبعادًا، وليست فقط حضورًا شكليًا.
منذ تلك اللحظة، لم تعد كوثر “مقدمة برامج جميلة”، بل “امرأة تقول ما لا يُقال أمام الكاميرا”، وهذا ما جعل منها صوتًا نادرًا في ساحة يغلب عليها التكرار.
لكن مع النجومية، جاءت الإشاعات — وأحيانًا، قسوة السوشيال ميديا. تعرضت كوثر لحملات تنمر بسبب مواقفها، شكلها، حياتها الخاصة، وحتى وزنها. وقبل سنوات، تسربت صورة شخصية لها رفقة ابنها، قيل إنها من علاقة سابقة مع شخصية تونسية مشهورة، فاشتعلت المنصات وهاجمتها بعض الأصوات دون رحمة.
ومع كل ذلك، لم ترد. كانت تختار الصمت كدرع. وبدل أن ترد على كل إشاعة، كانت تبني مشروعًا جديدًا: بودكاستها “La parenthèse enchantée” على Spotify، كان خير رد. صوتها العفوي، المواضيع الجريئة، والعمق الذي ميز كل حلقة، جعل منها مرجعية نسوية صادقة.
كوثر كانت تخاطب امرأة تتألم، أم وحيدة، إنسانة تبحث عن ضوء في نهاية النفق. كانت حقيقية.
اليوم، تعود الإشاعات لتلاحقها — لكن بشراسة أكبر: خبر زائف عن وفاتها! انتشر بسرعة، وأربك المتابعين، قبل أن يتم نفيه من أسرتها.
لكن المفارقة العجيبة؟ أن هذا الخبر المزيف أعاد كوثر إلى الواجهة بقوة لم تحصل عليها منذ سنوات. ليس لأن الإشاعة لاقت رواجًا، بل لأن حب الناس كان أكبر منها.
رحلة كوثر بودراجة بين التمثيل، الإعلام، والإشاعات ليست سهلة… لكنها فريدة.
وما يميزها فعلًا هو أنها لم تكن يومًا ضحية، بل كانت دومًا ناجية، صامدة، وملهمة.