اعلى المقال
اخبار عاجلة

مجلس المحافظين؛ اختبار تاريخي لقياس مصداقية النظام الدولي

اسفل المقال


وكالة مهر للأنباء: لفت الاجتماع الاستثنائي لمجلس المحافظين بشأن الهجوم الارهابي الصهيوني على المنشآت النووية الإيرانية انتباه الرأي العام والأوساط الدبلوماسية إلى أحد أبرز الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي في السنوات الأخيرة؛ وهو اجتماع قد يُصبح رمزًا لالتزام المجتمع الدولي بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والنظام الأساسي للوكالة، أو في حال التقاعس، قد يُطلق مرحلة من الاستهتار الصارخ بالقواعد الدولية.

إن الاجتماع الذي سيُعقد في فيينا بعد ساعات، بناءً على طلب إيران وبمتابعة رسمية من روسيا، بصفتها عضوًا في مجلس المحافظين، ومن المقرر أن يبحث الهجوم الأخير على المنشآت النووية الإيرانية تحت إشراف الوكالة. حذّر رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوم الجمعة الماضي، خلال الاجتماع الفصلي لمجلس المحافظين، من أن الهجوم على المنشآت النووية يُعدّ انتهاكًا واضحًا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والنظام الأساسي للوكالة. وأكد قائلًا: “لا ينبغي استهداف المنشآت النووية تحت أي ظرف من الظروف، إذ قد يكون لهذا الإجراء عواقب وخيمة على البشر والبيئة والسلامة والأمن النوويين، وعلى السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي”.

كما أعلن غروسي في رسالة على موقع التواصل الاجتماعي “إكس”: “أنا مستعد للسفر إلى إيران في أقرب وقت ممكن لتقييم الوضع بشكل مباشر”. وأعلن عن تشكيل فريق خاص يعمل على مدار الساعة لمراقبة الوضع، واستعداد الوكالة لإرسال خبراء في السلامة والأمن النوويين فورًا.

حذّر وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية، السيد عباس عراقجي، يوم الأحد، خلال اجتماعه مع السفراء الأجانب في طهران، من أن الكيان الصهيوني قد تجاوز حدود القانون الدولي وانتهاك الخطوط الحمراء الدولية المعترف بها بمهاجمته المنشآت النووية الإيرانية. وأكد قائلاً: “يجب على مجلس المحافظين إدانة هذا العمل غير القانوني إدانةً قاطعة واتخاذ إجراءات فعّالة لمنع تكراره. إن اللامبالاة بهذا العمل ستُرسل رسالة خطيرة للنظام الدولي”.

دعت الدول الأوروبية حتى الآن إلى ضبط النفس دون إدانة هذا العدوان الصارخ، كما تحدث الاتحاد الأوروبي بشكل مبهم عن الدبلوماسية. بعد محادثة هاتفية مع وزير الخارجية الإيراني، جددت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كلاس، المزاعم السياسية ضد البرنامج النووي السلمي لبلادنا، قائلةً: “الدبلوماسية وحدها هي التي يمكن أن تؤدي إلى حل دائم، والاتحاد الأوروبي مستعد لدعمها”.

تقول إيران إن الهدف الرئيسي من الهجمات الأخيرة هو تخريب مسار الحوار وتحييد العملية الدبلوماسية. وصرح عراقجي للسفراء: “نؤمن إيمانًا راسخًا بالطبيعة السلمية لبرنامجنا النووي، ومستعدون لدعم أي اتفاق يمنع امتلاك الأسلحة النووية، لأننا نعتبر إنتاج هذه الأسلحة واستخدامها محرمًا دينيًا وإنسانيًا”.

وفي إشارة إلى تاريخ إيران في المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة، قال: “إن الكيان الصهيوني لا يعارض فقط التوصل إلى اتفاق بشأن القضية النووية، بل استهدف أيضًا مبدأ الحوار والدبلوماسية. والعدوان الأخير في خضم المفاوضات دليل واضح على ذلك”.

وقد انعكس هذا الرأي أيضًا في تصريحات بعض المراقبين والمسؤولين الدوليين. وأكد وزير الخارجية البريطاني السابق، فيليب هاموند، في مقابلة مع سكاي نيوز، أن الهجوم الارهابي الإسرائيلي عرقل التوصل إلى اتفاق محتمل. وأضاف: “إسرائيل لا تملك القدرة على تدمير منشآت إيران النووية بالكامل، ولا يمكنها استبعاد هذا البلد من مجال التكنولوجيا النووية إلى الأبد”. أكد هاموند على ضرورة العودة إلى المسار الدبلوماسي، وقال: “إذا اتجه الوضع نحو الحوار، يمكن لبريطانيا أن تكون جزءًا من حل دبلوماسي دولي”.

كما وصف بيتر جينكينز، السفير البريطاني السابق لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية بأنه “انتهاك صارخ للقانون الدولي”، وأعرب عن أسفه لصمت الدول الغربية. وأكد أن “ادعاء مواجهة التهديد النووي في هذا الصدد لا أساس له من الصحة أو القانون، وأن مثل هذه الهجمات تُهدد أسس النظام الدولي”.

والآن، يواجه أعضاء مجلس المحافظين قرارًا مصيريًا: إما أن يُدينوا صراحةً الهجوم الصارخ على المنشآت الخاضعة للضمانات، أو أن يتنازلوا، من خلال الصمت والتقاعس، عن جزء من مصداقيتهم القانونية. إن اجتماع اليوم ليس اجتماعًا شكليًا، بل هو اختبار حقيقي لقياس إرادة المجتمع الدولي وصدقه في الدفاع عن النظام الدولي. وإذا ظل المجتمع الدولي صامتاً في مواجهة هذا الإجراء غير المسبوق، فإن أساس الثقة في النظام القانوني الدولي في مجال الأنشطة النووية السلمية سوف ينهار، ولن تثق أي دولة في أي مكان في العالم بالحصانة القانونية والفنية لمنشآتها.

/انتهى/


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى